| ..
كتاب : ( هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ) : ...
( المقدمة )
أحبتي الكرام في بداية رحلتي في طلب العلم بحثت كثيراً عن كتاب يرشدني ماذا أفعل و كيف أطلب العلم فوجدت بعض الكتب و لكنها كانت بالنسبة لي كطالب علم مبتدئ معقدة و صعبة جدا و أشعر بالملل منها و عدم الرغبة في قراءتها لذلك أردت أن أبدأ إن شاء الله بكتابة هذا الكتاب الذي أسأل الله سبحانه و تعالى أن يجعله مباركاً ليكون مرشداً لأحبتي الكرام و أخواتي الكريمات طلبة العلم و ورثة الأنبياء (عليهم الصلاة و السلام) وأبين في هذا الكتاب ماهي الخطوات التي ينبغي على طالب العلم او طالبة العلم او الداعية فعلها ليصل او تصل إلى مرحلة النجاح وإن شاء الله سيكون الكتاب مليئ بالقصص و المواقف المسلية و مواقف من حياة النبي صلى الله عليه وسلم بحيث أن القارئ الكريم لا يشعر بالملل من قراءة هذا الكتاب و أسأل الله سبحانه و تعالى أن يشرح صدورنا و يعلمنا ما ينفعنا و ينفعنا بما علمنا ..
عزيزي القارئ أرجوك رفقا بكتابي فإني كتبت حروفه بكل تواضع وأدب وسطرت كلماته
بكل رفق وحب وإن عباراته صادرة والله من جوف القلب ...
( كلكم لأدم )
قال النبي صلى الله عليه وسلم : كلكم لأدم و أدم من تراب ..
لو تفكرنا جيداً بهذه الكلمات لعلمنا جيداً أن أصلنا واحد وهو التراب الذي نمشي عليه
في الدنيا ولو أصابنا شيئ منه لغسلناه و أبعدناه عنا .. أخي أخيتي لا ينبغي علينا
أن نتكبر أبدا فكل واحد منا يكون اليوم من يكون وغدا سيكون تحت التراب مدفون ..
كنت أتعجب كثيراً عندما أقرأ أو أسمع عن كرامات الأولياء فكنت أتساءل لماذا لا يكون
للعلماء كرامات مثل الأولياء مع أن العلماء هم أعلى درجة من الأولياء هل تعرف عزيزي
القارئ ماذا كان السبب ؟ السبب أن الأولياء يتعبدون لله بينهم و بينه ولا يظهرون في
تلفاز ولا يلقون المحاضرات ولا يعرفهم الناس لذلك لا يصبح عندهم كبر و إعجاب في
النفس كما يصير عند بعض الدعاة و العلماء ولا يدخل الرياء في نفوسهم ولا ينتظرون
شهرة ولا مالاً إنما ينتظرون أجراً من الله رب العالمين لذلك إحرص أن تجعل نيتك خالصة
لله وحده ولا تتكبر على الناس أبداً .
( أصلح نيتك وأخلصها )
في بداية رحلتي في طلب العلم سمعت شيخي الفاضل محمد العريفي في أحد
المحاضرات يتحدث عن أول من تسعر بهم جهنم والعياذ بالله وذكر حديث النبي
صلى الله عليه وسلم وذكر منهم رجل تعلم العلم و علمه و تعلم القرآن و قرأه و الحديث
في صحيح الإمام مسلم رحمه الله حينها وقع كلام الشيخ على قلبي وكأنه صاعقة
من السماء وأكمل الشيخ كلامه وذكر السبب وهو أن هذا الرجل تعلم العلم و علمه
ليقال عالم و تعلم القرآن و قرأه ليقال قارئ فبعد أن إنتهت المحاضرة جلست مع
نفسي أتساءل لماذا أطلب العلم ؟ لماذا أدعوا إلى الله ؟ بصراحة الأمر صعب ومخيف ...
فجددت نيتي وتأكدت أنها خالصة لوجه الله سبحانه و تعالى و تابعت مسيرتي في طلب العلم ..
وأريد منك عزيزي القارئ أن تجلس مع نفسك جلسة تفكر و إسأل نفسك ماهي نيتك ؟
هل هي من أجل المال ؟ أم من أجل الشهرة ؟ أم من أجل السمعة بين الناس ؟
أم هي خالصة لله سبحانه و تعالى ؟ جدد نيتك الأن و إمضي في طريق الأنبياء في رحلة
طلب العلم (أسأل الله سبحانه و تعالى أن يجعل عملنا خالصة لوجهه الكريم) ...
النية الفاسدة إذا دخلت قلب الداعية أو طالب العلم أو العالم ستفسد عمله وهذه قاعدة
فقهية للفائدة : (النية الفاسدة تفسد العمل الصالح و النية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد) ..
إحذر عزيزي القارئ فالأمر جد خطير أصلح نيتك و إجعلها خالصة لله سبحانه و تعالى و أبعد الرياء عن نفسك .
( صفي قلبك فالمسلم أخو المسلم )
الأن بعد أن أتممت الخطوة الأولى في طريق النجاح في الدنيا و الأخرة وهي إصلاح النية
و جعلها خالصة لله سبحانه و تعالى هيا ننتقل معاً للخطوة الثانية وهي تصفية القلب من الحقد
و الكره و الحسد ... كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً في المسجد مع الصحابة رضي
الله عنهم فقال لهم سيدخل عليكم الأن رجل من أهل الجنة فنظر الصحابة رضي الله عنهم
إلى باب المسجد يترقبون يريدون معرفة من هو هذا الرجل ياترى هل هو من المجاهدين و
الفرسان ؟ أم هو من الكبار الكرام ؟ أم هو من أل البيت ؟ فبعد قليل دخل رجل ليس معروفاً
بين الصحابة إنما هو رجل من عامة المسلمين فعندما خرج الرجل من المسجد تبعه أحد
الصحابة رضي الله عنهم إلى بيته فعندما دخل الرجل بيته طرق الصحابي الذي تبعه الباب
ففتح له الرجل و أدخله و ضيفه و حين أتى الليل نام الصحابي عند هذا الرجل وفي اليوم
الثاني أيضاً نام عنده و كذلك في اليوم الثالث نام عنده وفي اليوم الرابع قال الصحابي للرجل
لم يكن لي حاجة بالنوم عندك لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا في المسجد سيدخل
عليكم الأن رجل من أهل الجنة و كنت أنت هو الرجل فتبعتك أردت أن أعرف ماهو العمل الذي
جعلك من أهل الجنة ولكني وجدتك تصلي كما نصلي و تنام كما ننام و تصوم و تفطر مثلنا ولم
أعرف ماهو الشيئ الذي ميزك عنا فقال الرجل والله إني كما رأيت غير أني لا أجعل في قلبي
حسد ولا حقد ولا غل ولا كره لأحد من المسلمين ..
أنظر عزيزي القارئ لهذا الرجل كيف بشر بالجنة ولماذا !! ليس لكثرة صلاته ولا لكثرة صيامه ولا
لكثرة صدقته إنما لصفاء و بياض قلبه وأنظر عزيزي القارئ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو
يوصينا و يقول ((المسلم أخو المسلم)) فجميعنا أخوة ولا ينبغي للأخ أن يكره أو يحقد أو
يحسد أخوه المسلم وتخيل يرعاك الله لو كان جميع المسلمين متحابين متصافين ليس بينهم
كره ولا حقد ولا حسد ولا عداوة كيف سيكون حالنا ؟ بالتأكيد أنه سيكون أفضل من واقعنا بكثير
وأنت لتكون ناجحاً محبوباً بين الناس يجب عليك أن تحبهم و تصفي قلبك تجاههم وتفتح قلبك
لهم و تتعامل معهم بلطف و حب و إحترام ولا تحتقر أحداً منهم و ليكن قدوتك النبي
عليه الصلاة و السلام الذي كان يحب جميع المسلمين ولا يفرق بينهم فما كان عليه الصلاة و
السلام يفرق بين عبد و سيد ولا بين غني و فقير ولا بين كبير و صغير فلذلك كان ومازال عليه
الصلاة و السلام محبوب و ملك قلوب الملايين .
( أكتب حلمك وضع خطوات تحقيقه )
كثير من الناس لو سألته ماهي خطتك للمستقبل ؟ أو ماهو حلمك ؟ أو ماهي طموحاتك ؟ لقال لك
لا يوجد عندي خطة للمستقبل لكن حلمي أو طموحي أن أصبح عالم أو طبيب أو مهندس أو أو أو إلخ ..
لكن بالحقيقة لو إلتقيت به بعد 20 سنة ستجده كما هو لم يحقق طموحه ولا حلمه لماذا ؟ لأنه لم يكن عنده خطة
الأن عزيزي القارئ فكر وحدد حلمك و طموحك مثلا حلمك أن تصبح عالم دين فكر ماهي الخطة أو الخطوات
التي يجب عليك أن تفعلها لتكون عالم دين !! و ضع لنفسك برنامج مثلا في هذه السنة ستحفظ القرآن الكريم
قسم عدد صفحات القرآن الكريم على عدد أيام السنة سيكون عندك تقريبا في كل يوم صفحتين وإبدأ إحفظ
في كل يوم صفحتين و في السنة التي بعدها قراءة الصحيحين و السنة التي بعدها قراءة كتب السنن و السنة
التي بعدها قراءة كتب شيخ الإسلام و إبن القيم و هكذا إجعل لنفسك برنامج تمشي عليه وخطوات تفعلها
لتكون في يوم من الأيام عالماً من علماء المسلمين و أنظر إلى جميع العلماء الكبار الناجحين و إسألهم
ستجد كل واحد منهم وضع لنفسه حلماً و خطة مشى عليها وحقق حلمه .. أذكر أن شيخنا الدكتور محمد
العريفي عندما كان في السنة الأولى في الجامعة وكان عمره 18 او 19 كان يكتب على دفتره في خانة
الإسم : د. محمد العريفي لأن حلمه و طموحه كان أن يصبح دكتور و عالم دين وهو الأن كذلك فعلا
وحقق طموحه و حلمه لكن كثير من الطلاب الذين جلسوا معه و ربما بجانبه في الجامعة لم يصلوا
إلى 10% من الذي وصله الدكتور محمد العريفي لماذا ؟ لأنه لم يكن لديهم حلم ولا طموح ولاخطة
وخطوات يمشون عليها ولا ينبغي أن تكون أنت مثلهم عزيزي القارئ أكتب حلمك و طموحك
وضع خطوات و خطة تحقيق هذا الحلم و الطموح و إمضي في سبيل تحقيقها .
( إستمر بالدعوة و إختر الأسلوب المناسب ولا تيأس )
قال أحد الشيوخ لنا إذا لم تنجح في دعوة والدك أو إبنك فلن تنجح في دعوة باقي الناس ..
لكن في الحقيقة كلامه خاطئ وغير صحيح لأن إبراهيم إمام الموحدين وأبو الأنبياء و خليل
الرحمن عليه الصلاة و السلام لم ينجح في دعوة والده ونوح شيخ المرسلين و أول رسول
عليه الصلاة و السلام لم ينجح في دعوة إبنه ورغم ذلك لم يستسلموا ولم يوقفوا دعوتهم
وأنت كذلك عزيزي القارئ إبدأ بدعوة المقربين منك و إذا لم تنجح معهم ولم يستجيبوا لك
لا تيأس بل إستمر و أدعوا غيرهم .. ربما تتساءل الأن و تقول أنا والدي مسلم و المقربين
مني مسلمين إلى ماذا أدعوهم !! عندما نقول داعية أو دعوة لا نعني أبدا فقط دعوة
الكفار إلى الإسلام إنما نقصد دعوة المسلمين للإلتزام بالقرآن الكريم و السنة الشريفة
وأخلاق و أداب و أوامر الإسلام و ترك المعاصي و المنكرات ..
أنت ليس عليك ولا مطلوب منك إجبار الناس على تقبل كلامك والإلتزام بالدين إنما
المطلوب منك هو البلاغ المبين بالأسلوب المناسب و الأخلاق الحميدة .. كان أحد
علماء السلف يقول : إذا رأيت الرجل يصرخ ويشتم و تثور أعصابه على من لا يتقبل
دعوته أو نصيحته فإعلم أن هذا مرض في نفسه .. نعم من يفعل هذا الشيئ في
قلبه مرض وللأسف كثير من العاصين أو غير الملتزمين كان سبب كرههم وإبتعادهم
عن هذا الدين أحد الشيوخ أو الدعاة المسلمين الذي كان أسلوبه أو طريقة دعوته
لهم سيئة أو غير مناسبة فكان هو السبب في كرههم للدين الإسلامي وقد قال
النبي صلى الله عليه وسلم : بشروا ولا تنفروا .. يسروا ولا تعسروا .. أنظر إليه
عليه الصلاة و السلام كيف جلس مع الشاب الذي أراد أن يزني خلال دقائق غير تفكير
هذا الشاب 180 درجة و أنظر إليه صلى الله عليه وسلم كيف جلس مع عدي الطائي
بدقائق قليلة أصبح عدي مسلم و صحابي لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبشر
ولا ينفر ولم يصرخ بوجه الشاب الذي أراد أن يزني ولم ينفره عن الدين إنما حاوره و ناقشه
حتى أقنعه مع أنه كان يريد فعل كبيرة من الكبائر و ذنب من أعظم الذنوب ولم يشتم أو
ينفر عدي بن حاتم الطائي مع أنه كان كافر وهارب من جيش المسلمين إنما بشره و حاوره
وجعله خلال لحظات يتحول من كافر إلى صحابي جليل و أصبح بعدها رضي الله عنه مجاهد
و محدث لأن النبي صلى الله عليه و سلم حاوره و دعاه بالطريقة التي تناسبه وأنت
عزيزي القارئ كن كالنبي صلى الله عليه وسلم وإختر الأسلوب المناسب للشخص
الذي تريد أن تنصحه أو تدعوه ليتقبل منك نصيحتك أو دعوتك ولتكون مبشر لا منفر .
( إصبر في البداية تنجح في النهاية )
عزيزي القارئ إعلم جيداً أنك حين تبدأ الإلتزام بالدين الإسلامي وتطبيق السنة النبوية الشريفة وحين تبدأ بإعفاء
لحيتك و الصلاة في المسجد و عدم فعل المعاصي و المحرمات و المنكرات ستلقى كثيراً من الإتهامات و الإستهزاءات
من شياطين الإنس فربما تجد والد صديقك يحذر إبنه من الجلوس معك و يطلب منه الإبتعاد عنك وربما تسمع
أحد الجهلة يناديك و يقول لك أنت شيخ إرهابي و ربما تجد أحدهم يكلم الناس عنك و يحكي لهم عن المعاصي
التي كنت تفعلها في الماضي حقاً إنه جاهل يريد فضحك ! ولا يعلم أن الصحابة كانوا كفار مشركين يعبدون
الأصنام وصاروا مسلمين و صحابة و أبطال و قال الله تعالى لهم : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) فعندما يتوب
العاصي أو الكافر أو المشرك لا يهم ماذا كان في الماضي لكن المهم هو ماهو الأن و ماذا سيكون غداً وربما
تجد أحدهم يسخر و يقول لك منذ متى أسلمت ! ويقول لك الأخر مظهرك باللحية و الثوب سيئ إحلق لحيتك
و إلبس البلوزة و البنطال تصبح أجمل (الجاهل يريد منك ترك مظهر الإسلام و التشبه بالكفار) نعم كثيرون
هم شياطين الإنس الذين يريدونك أن تبقى غارقاً في بحر المعاصي ولايريدون لك الخير ..
عزيزي القارئ جميع الأمثلة التي ذكرتها سابقاَ حصلت معي في بداية إلتزامي وعندما بدأت في
الدعوة إلى الله بل أكثر من ذلك و أتهمت بالنفاق و شتمت لكن كنت دائما أتذكر قوله عز وجل : ( وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ )
فأعرض عنهم و أتذكر قوله عز وجل : (وإذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامً ) فأقول لهم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ورحمة الله وأبتعد عنهم
وكنت أتذكر كيف كان الأنبياء عليهم الصلاة و السلام في بداية دعوتهم يتعرضون لمثل هذه المواقف فكانوا
يصبروا وبعدها بفترة ينصرهم الله سبحانه و تعالى و يقودوا الأمم ..
وأريد منك عزيزي القارئ أن تعرض عن الجاهلين وتصبر في البداية لتنجح ويوفقك الله في النهاية
وإحذر أن تستسلم لشياطين الإنس وإحذر أن يعيدوك إلى الضلال بعد أن هداك الله إلى النور
وتذكر قوله عز وجل : (بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ) و إعلم أنها مجرد مسألة وقت فإن صبرت و نجحت في الأيام
الأولى ستنتهي تصرفاتهم و استهزائهم و بإذن الله تكون ناجحاً في الدنيا وفائزاً في الأخرة
و إحذر أن تسمح لكلامهم أن يؤثر عليك و تكون بذلك خسرت الدنيا و الأخرة .
........................................................................
إن شاء الله سبحانه و تعالى كل يوم سيتم وضع فقرة
من الكتاب تسعدني و تشرفني متابعتكم .
بقلم : يوسف أبو عوده