للوهلة الأولى ولسماعي الضربات الجوية لم اكن اصدق انها غارات جوية بالفعل , بادرني شعورٌ حينها أنها غارات وهمية " تفريغ هواء " خرجت من المنزل .. ورأيت ما لم أراه .. دخان من هنا ومن هناك .. قلت في نفسي عدد الشهداء سيكون 7 شهداء بالكثير لان الشرطة وعناصرها في حالة إخلاء كامل .. ذهبت للتلفاز وشاهدت قناة الجزيرة ... كانت يومها صدمة كبييييرة جداااا ... اكثر من 300 شهيد واشلاء مقطعة .
لم اتحمل كثيرا جهزت نفسي وذهبت إلى المستشفى لمساعدة الجرحى ونقل الشهداء .. حينما كنت انقل شهداء تم سرقة جوال لي لم يستمر معي سوى اسبوع واحد .. طبعا يومها كرهت الحرب وكرهت اليهود وكرهت الحرامي
قلت الله يعوض علينا خير ..
رجعت الى البيت ولا زالت الصدمة ملازمة لي من هول ما رأيت .. أحقاً هذا في غزة ؟؟ احقاً ما رأيته كان حقيقة ام مجرد خيال ؟ ..
اسئلة كثيرة لم استطع الأجابة عليها .. حتى افقت من هول الصدمة وتيقنت ان هذا حقاً في غزة وليس في العراق ..!!
مضت الأيام .. حتى اعلنوا اليهود دخول غزة بريا وجهزوا عتادهم .. ولكنهم لم يعلموا ماذا سيكون بإنتظارهم ..!
في أول خبر سمعته وأول دخول بري لهم .. انفجار عبوة ناسفة في جنود ومقتل 9 من بينهم ضابط شرق الزيتون عند الحدود ..
توالت الأخبار من كل حدب وصوب عن انفجار عبوة هنا وعبوة هناك , وكمين هنا وكمين هناك .. واستمر الوضع على هذا الحال .. أخبار تشرح وتثلج صدورنا .. وأخبار تزيدنا ألماً وحسرة .. !!
اذكر حدث معي موقف .. سأذكره بأختصار
الكهربا كانت قاطعة عنا ورحت اخبز الخبز لامي بالجامع والجامع اللي عنا كان مهدد بالقصف .. طبعا اليهود كانوا عاملين نظام استراحة مقاتل من الساعة الـ 1 ظهرا إلى الساعة الـ 4 عصرا .. في هذه السويعات كان هناك امر من القيادة العسكرية التابعة للاحتلال ممنوع قصف اي هدف كان ما كان .. ولكن كما نعلم ان اليهود ناقضين لعهودهم .. الساعة الـ 2:30 بعد الظهر , وانا داخل المسجد قاعد بخبز .. طائرات الاحتلال قصفت هدفا .. الكل في المسجد هرب ولم يبقى الا انا و4 شباب آخرون .. كان المسجد ممتلئ ولم يبقى بالمسجد بعد الغارة الا 5 شباب انا من ضمنهم .. انا قلت شكله هاد صاروخ تحذيري من الزنانة وبعدها صاروخ اف 16 يشيل الجامع واللي فيه .. بيني وبينكم انا خفت ع طنجرة الخبز الوالدة ما بتروحنا سالمين لو الطنجرة صار فيها اشي
بقيت بالمسجد ولم اخرج منه .. والناس الآخرون تركوا الخبز وطناجرهم وهربوا ..
لكن لحسن الحظ الغارة لم تكن موجهة للمسجد وانما كانت موجهة لسيارة كان متواجد فيها قيادي مقاوم .. ولكن مشيئة الله كانت اكبر ,, الصاروخ لم يقصف السيارة وانما جاء خلف السيارة واستطاع المقاوم الهرب ..
هناك مواقف كثيرة لا تعد ولا تحصى ولكن اكتفي بهذا الموقف ..
في نهاية الحرب وعند اندحار العدو من ارض غزة .. وصلت لنا اخبار عن استشهاد اصدقاء لي .. عمار حسونة ومحمد التتر " رحمة الله عليهم اجمعين " كان موقف محزن يومها لسماعي مثل هذا الخبر .. ولكنهم ربحوا الصفقة مع الله .. صدقوا الله فصدقهم الله وهم السابقون ونحن اللاحقون على نفس الدرب ان شاء الله ..
ايضا آلمني واحزنني كثيرا سماعي خبر استشهاد الشيخ // نزار ريان " رحمه الله " .. كان من اكثر المواقف التي آلمتني بحق وحزنت حزنا شديدا على فراقه .. وأيضا الأستاذ الشهيد وزير الداخلية في غزة // سعيد صيام " رحمه الله " ..
كانت حرب ضروس لم نشهدها من قبل .. ولكن بحمد الله ومنته دحرنا الاحتلال وكبدناهم خسائر كبيرة لم تكن بحسبانهم ..
في هذه الحرب محص الله القلوب .. فظهر من يريد لقاء الله ومن يريد الابتعاد عن لقائه , ومن يريد الاخرة ومن يريد الدنيا ..
نسأل الله تعالى ان يجعل الفردوس الأعلى مثوانا ومثواكم جميعا .. وان يجنبنا مثل هذه الحرب لانها كانت أشد ألماً على اهلنا في غزة فهم عانوا وما زالوا يعانون .