تَحِيّة الأموات أُمنية مُرْعبة ...( جولة ليلية بين شواهد القبور )...........................!!

كان الوقت قد تأخر ولا بد من العودة ، الساعة الآن تقترب من منتصف الليل ، وضعت يدي في جيبي لأخرج الجوال وأستنير بوضوئه الخافت ، الشوارع مُعتمة ، وبطارية الجوال تأنُّ

وتشكي الفراغ ، أحاول ألا أستهلكها كلها ، فأسعى لإطفاء ضوئها بين الفينة والأخرى ...!!

سوادٌ حالِك ، ترى السواد في كل شيء فهي العتمة الشديدة أو انعدام الضوء وغيابه

فلا ترى فيها إصبعك وليس لك إلا أن تقوم بلمسه لتتأكد من وجوده ، هدوء مُخيف لا تسمع أصوات سوى خُطى قدميك ، يزيد من رعبك أنك لا تراها ، وتستأنس بصوت دقات قلبك أنك

مازلت على قيد الحياة.

عندما تسمع خطى قريبة منك ، لا تدري أتفرح بالأنيس أم يزداد رُعْبُك رُعباً فلست تراه ولكنك تسمع فقط خُطاه

حيوانٌ شرس عليك الهرب منه ، أم عدو يتحين الفرصة للنيل منك ، أم أنهـا صدى لخطوات قدميك ليس إلا ...!!

سمعتُ هذه الخطوات وازداد معها سماع نبضات قلبي اقتربت الخطوات أكثر ، فتحت الجوال لأستدل وأحدد ماهية الصوت القريب ..!!

لم تُسْعفني أنفاسه الأخيرة للاستدلال على ماهية الصوت ، فقد لفظت البطارية أنفاسها وبقيت بدون إضاءة ،

تلفت يمنة ويسرى وأسرعت الخطى ، أكثر فأكثر أصبحتُ بين الجري والمشي ، اختفى الصوت فلم أعد أسمعه ،

لكني شعرت بأن الأرض قد تغيرت من تحت قدماي من صلبة إلى أقل صلابة ، أخبرني ماتبقى من ثبات عقلي أنه الانتقال من الشارع إلى الرمل

أتلهف على ضوء قادم من أي مكان ، السماء قد أسبلت ستائرها ولا إنـارة ، والسيارات قد اختفى سولارها ولا سائقين

تابعتُ المشي وشعرتُ أني بدأت أتعثر في بعض الحجارة ، وبعض المرتفعات القريبة من الأرض ، فأهملتها وأكملت السير مسرعاً إلى أن اصطدمتُ بمن أوقفني

شيءٌ ما برز من الأرض أوقفني وتكشفت السماء لحظتها وأفزعتني ، لمع كل المكان بشيء مشابه لِمَا أوقفني ...

بدا وكأنهم غاضبون ساخطون تآمروا على تأديبي ، قد دُسْتُ على بيوتهم غير مبالٍ ولم أرد السلام عليهم فور دخولي ، فِعلاً أستحق التأديب .....!!

ما إن تَكَشّفَتْ السماء وبان نورها وفضاؤها حتى عرفت أني في وسط مقبرة دخلتها في عتمةٍ بدون تحيّةٍ واستئذان ،

سُور المقبرة قد سقط جزء كبير منه ، بدت للتائه فيها مصيدة وللزائر مَكْرَمَة

شعرتُ ببرود أطرافي وقلبي قد خلعت نبضاته وتحذيراته باب صدري ، لم أجد ريقاً أبتلعه ولا صوتاً أُخْرجِه ، ثَقُلت قدماي وأجلستني على الأرض قَسْراً ففيهِ لهم احتراماً ،

( هنا يرقد جثمان المغفور له بإذن الله عطية أحمد أحمد شملخ )

خيالي رسم لي صورة سريعة عن الجثمان في كفنه وفي قبره ،

كان بكفن أبيض مغطى الراس تظهر منه عينيه فقط وعليه بعض آثار الدماء ، قد فتح أحد عينه والأخرى مازلت مغمضة ،

تشققت شفتاي وتباعدت، أغمضت عيني برهة حتى أنسى ما صوره خيالي واستجمعت ما تبقى من قوتي ، وقُمتُ مرة أخرى أحاول عدم النظر إلى تلك الشواهد ، بدت لي كأن أهلها

فاقوا ولفوا الأكفان حولهم واستعدوا

مشيت خطوات سريعة وقودها دقّات القلب و أنيسها صوت زفرات الخوف

شعرتُ بأنّ هناك من أمسك قدمي ، قائلاً لي لا مفر ،

رفعتُ قدمي بقوة وبدأت في الركض

تعثرت بأحد القبور سقطت على وجهي وعانقت أرضهم وديارهم قَهْراً ،

خُيّل إلي ضحكهم ، بدأت أسمع أصوات ضحكاتهم كأنها تهز المكان وعيني تلتف يمنة ويسرة لتحديد مَن مِنَ الشواهد قد ضحك من من الموتى قد خَرَجَ وبُعِث ..!

كأنّ أحدهم همس لي : أن اجلس مكاني حتى أَعُودَ أبنائي وأطمئن عليهم ،

وآخر ينادي أن أمسكوه فقد مات ، وصار مثلكم ، لم يَعُد بين الأحياء

استسلمتُ لنداء الأخير ، فتجمدت أطرافي وسكنت حركاتي وأسبلتُ أجفاني إيذاناً بالرحيل ، ،

وبدأ شريط ذكرياتي يدور بسرعة كبيرة ، طفولة ، مراهقة ، شباب ، مزح ، ضحك ، حزن ، إخواني ، أصحابي ...

توقف الشريط فجأة فقد وصل إلى الجُزء المهم فيه الذي طالما بَثّ في القلب الحياة ،

ووداعه يعني فصل الحياة عن القلب ،وخروج الروح من الجسد ، فهو الروح في الجسد والنبض في القلب ... وداعه يعني الموتَ

مَرّ الشريط ببطئ يقاوم شوقي للعودة للحياة من أجله ، علمني درساً في السعادة ، أعطاني من القلب حنانه ، أحببتُ الدنيا لأجله ،

ابتسامة سريعة جافّة هي آخر ماذكره الشريط منه

لي شوقٌ لوداعه ، وبداخلي لوعةٌ لأحضانه ،

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
اللهم أحسن خاتمتنا ولا تمتنا إلا وأنت راضٍ عّنا ، اللهم إنا نسألك طول العمر وحُسْن العمل وحُسن الخاتمة ودوام الصحة والعافية

اللهم آآآمـين

.
.
.
.
.
بالمناسبة / انتهت الأحداث بطرقات سريعة على باب غرفتي ..!!

حمدتُ الله أنه لم يكن إلا مُجرد حلم عابر ، وشَكرتُ الله على إحيائنا بعد إماتتنا فإليه النشور
.
.
.
.
بنتك يا غزة

كبرياء جرح كتب:

ما شاء الله
أسلوبك الادبي يجعل القارئ يشعر بكل ما شعرت به ويعيش نفس الموقف
خاصة وانك تصف حلما والحلم هو مشاعر غامضة ومختلطة لا يمكن وصفها بسهولة
اكثر من كونه مشاهد عينية

هل لديك هذه الموهبة من القراءة ام تكرار محاولة الكتابة بهذا الاسلوب ؟


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

عندما نرى حلما مخيف ومرعب وخاصه عن الموت والقبور
نستيقط ونحمد الله انه كان حلما وليس حقيقة
ونظن اننا معمرين في هذه الارض وننسى انه سياتي يوم ونكون بين الاموات
اللهم اختم اعمالنا بالصالحات واجعل قبورنا روضة من رياض الجنان

بارك الله فيكم اختي الفاضلة موضوع قيم
واسلوب جميل يجذب القاريء
جزاكي الله كل خير

نعم اختي لديا هده الموهبه
ولكي بمتل الجزاء ان شاء الله
لقد انرتي صفحتي بنثر قلمك اختي
اللهم نسألك حس حسن الخاتمه

Merci pour ce sujet et l'histoire que

je me sentais comme je
récite et j'ai vécu

tous
les événements

merci

sara sousou كتب:

Merci pour ce sujet et l'histoire que

je me sentais comme je
récite et j'ai vécu

tous
les événements

merci

لا تشكريني اختي
ان شاء الله الكل يشعر بشعور الدي شعرتي به
.
شكرا على مرورك وردك الطيب
.
.
ما شاء الله عليكي اختي تتحدتين الفرنسيه
..
..
دمتي في حفظ الله